يمثل القرآن الكريم، كنزا حقيقيا من التعاليم الإلهية النابعة من الخالق المشترك بيننا نحن البشر

في عالم تتتالى فيه الكوارث الطبيعية والأزمات الإنسانية وتتتابع بشكل متزايد ومُدمّرً، تبدو قيم السخاء ومساعدة الآخرين كأنوار الأمل في الظلام. ولكن من أين تنبع هذه شعلة الإنسانية التي تجبرنا على مدّ اليد لإخوتنا وأخواتنا في أوقاتهم الأكثر ظلمة؟ والأهم من ذلك، كيف يمكننا أن نظهر الرحمة التامة والثابتة دون تمييز بين على أساس المعتقدات أو الاعراق أو الأصول؟يمثل القرآن الكريم، كنزا حقيقيا من التعاليم الإلهية النابعة من الخالق المشترك بيننا نحن البشر، وهو مصدر لا ينضب من الحكمة والسخاء. ويبني غفي قلوبنا قيمًا إنسانية عميقة مثل الرحمة والعطاء والايثار والتضحية ومساعدة الناس الأكثر ضعفًا. هذه القيم متجذرة في جوهر الإسلام نفسه، وليست تعليمات عارضة مرتبطة باطار زمني او مكاني معين.بتوجيهات القران الكريم, يندفع المؤمنون لتقديم جزء من ثرواتهم، على شكل زكاة سنوية تعادل 2.5٪ من أموالهم لذوي الحاجة. ومع أهمية هذا الركن من اركان الإسلام الخمسة, تتجاوز الرسالة القرآنية الأرقام والنسب لتدعو إلى العطاء أكثر فأكثر، ففي العطاء تكمن روحانية عميقة تربطنا بالباري سبحانه مباشرة. فكلما أعطينا أكثر، كلما استقبلنا أكثر، وكلما واقتربنا من الآخرين، خاصةً أولئك الذين يحتاجون إلى مساعدتنا, اقتربنا من الله سبحانه اكثر.تساهم مساعدة الآخرين ليست فقط في تكفير خطايانا الشخصية، بل تجلب أيضًا لنا رضا ربنا وثوابًا أبديًا في الآخرة. إنها توفر حمايةً لنا ضد الكوارث وتضفي قوة وبركة على اعمالنا وجهودنا اليومية تتجاوز اكراهات الزمن. ووفقًا للتقاليد الإسلامية، فالعطاء من اعمال الخير التي تفيدنا في الماضي، والحاضر، والمستقبل.في الماضي، تُكفِّر الصدقة ذنوبنا السابقة وهي شكل من اشكال الوفاء والترحم على أحبائنا المتوفين الذين فارقونا. وفي الحاضر والمستقبل، نجني الاجر والركة والمضاعفة في الخيرات , مما يشجعنا على العمل الإنساني بجميع أشكاله، بغض النظر عن قدراتنا المالية, فالجود من الموجود وعلى قدر الوسع وحسن النية تسع الجميع. وهكذا، فإن مكافحة المجاعة وكفالة الأيتام ومساعدة اللاجئين ودعم مشاريع التنمية المستدامة تعتبر من بين أعظم أعمال العبادة في ديننا. وتُدعم هذه الأعمال عبر زكاة المال الواجبة عبر الأوقاف والحبس التي تقدم دعمًا مستدامًا للمحتاجين.ان فهم القرآن الكريم يُحدث تحولًا رائعا وعميقا في داخلنا, هو يمنحنا منظورًا روحيًا للحياة، غاية نعيش من اجلها, ومحفّزًا عظيما لنكون أكثر تعاطفًا تجاه إخوتنا وأخواتنا من بني آدم, بل من كافة المخلوقات. هذا التحول الداخلي يوجهنا بشكل طبيعي نحو السخاء ورغبة شديدة في المساهمة في رفاهية المجتمع. الذي نعيش فيه, وحساسية كبيرة لآلام الناس حين الكوارث والمصائب التي لا تفتأ أن تذكرنا بقصر الآجال ووحدة المآل وخصال الرجال.يملك القرآن الكريم القوة والقدرة التامة على تحويل قلوبنا نحو الأفضل، يجعلنا أكثر سخاء وتعاطفًا في أوقات الكوارث و الأزمات، يكسر القرآن الكريم جميع الحواجز ويوجهنا للخير بلا حدود ولا فروق. لذا فإيصاله للناس بلغاتهم التي يفهمونها, وطباعة وتوزيعه، يصبح عملاً ملموسًا من أجل المصلحة المشتركة، ومساهمة في تعزيز الروابط الإنسانية، دون تمييز، من أجل عالم أفضل لأبنائنا وعائلاتنا. وإحدى الجماليات الراسخة البديعة للرسالة الخاتمة التي جاء بها القرآن الكريم هي عالميتها. إنها لا تفرض أي قيود على من يستحق النجدة والمساعدة , وتشجع التعاليم على السخاء تجاه جميع البشر، دون تمييز ديني أو عرق أو جنسية.لذا وبهذا المعنى, تصبح طباعة وتوزيع القرآن الكريم وترجمة معانيه عملاً قويًا لأجل إرساء قيم العطاء والسخاء والايثار. إن هذا العمل النبيل لا يقتصر فقط على مشاركة الحكمة الواردة في صفحاته المقدسة، بل أيضا في تشجيع التفاهم المتبادل بين الأفراد والجماعات ذوي المعتقدات المتنوعة. من خلال المساهمة في جهود مؤسسة "Quranforsoul" القرآن للروح, نحن في واقع الامر نوفر الفرصة للجميع لاكتشاف هذا النص الالاهي و نعزز التسامح واحترام التنوع الديني، ونقوي الروابط بين الجماعات.

المقال التالي