أخبار المؤسسة

دوستويفسكي لأخيه... أرسل لي القرآن!

16 مايو 2019


ان القلوب العظيمة دائما ما تلتقي على ما جعلها كذلك. المهم ان لا تترك الجهل يقودك والكره يعميك والتعصب يغلب على عقلك.

حكى الأمير بسمارك انه ليدير شؤون البلاد قرأ وتمعن في جميع الكتب السماوية المنزلة من عند الله في جميع العصور ولم يجد في أي واحدا منها ما يبحث عنه, حتى قرأ القران. " لقد دققته من جميع الجهات ففي كل كلمة فيه حكم عظيمه، فأعداء الإسلام الذين يدعون بأن هذا الكتاب قول محمد، إنما يدعون بأن هذا التكامل وهذه الروعة صادرة من دماغ بشرية , وليس هذا سوى إعماء للبصيرة عن الحقائق ودس للحقد والضغينة وهذا يناقض العلم والحكمة.فأنا أدعي بأن محمد قوة رائعة ممتازة ولا مثيل له..

انا حزين لأني لم أعاصرك يا محمد ! ما تعلمه وتبلغه ليس لك ..هو إلهي وإنكار ذلك كإنكار كتب العلم وهذا مضحك. لم تشهد البشرية مثلك يا محمد الا مرة واحدة ولن تشهد مثلك مرة أخرى ..إنني أنحني لدى حضرتك بالمحبة والاحترام ..

خاطب فيودور دوستوفسكي اخاه لما احس بالضيق والحاجة للراحة بسجنه الروسي المعتم: " سوف نلتقي يا أخي قريبا، أشعرُ بأن روحي شفافة ورائقة في هذه اللحظة، المستقبل لي، المستقبل كله لي، وأرى منذ الآن ما سأفعله، كما لو أنه تحقق الآن أمامي، أنا راض عن حياتي، أرجوك أن ترسل لي القرآن ". لم يكن دوستوفسكي الفيلسوف الروسي الشهير , اول او اخر من عشق القران وورث معانيه الخالدة لبناء نهضة بلده, بل نهضة امة عظيمة كاملة استقت من كلماته الحكيمة وروحه الشفافة المشبعة بايات القران الكريم لتتخلص من ظلمات دهور طويلة.

يتعامل العظماء مع القران الكريم بلا حدود وبلا عقد. احبوه لانهم وجدوا فيه الحلول لتساؤلاتهم الكبيرة والأجوبة لمشاكل عصورهم المثقلة بالمآسي والظلم والطغيان.

قبل دوستوفسكي, كان فيلسوف التنوير الفرنسي الأهم فولتير يصنع لأوروبا مستقبلا جديدا ويكتب عن النظام الاجتماعي الجديد الجاب لعصر الظلمات الأوروبي. كان يتصدى لأقوال الجهلة الذين يتحدثون عن القرآن بما ورثوه من الظلمات قائلا ": « أكررها لكم، أيها الجهلة الحمقى، الذين أقنعهم جهلة آخرون بأن الدين الاسلامي دين شهواني، هذ ليس صحيحًا. لقد خدعتم في هذه المسألة، تمامًا مثلما خدعتم في كثير غيرها ". تتبع الباحثون فكر فولتير الذي تغنى بحب محمد الذي انزل عليه القران, فكان التماهي بين أفكاره الجديدة وآيات القران الكريم عجيبا. وليس ذلك بالغريب على هذا الفيلسوف الخالد, فعشق القران من شيم الحكماء.

اما غوته , أبو المانيا الحديثة ، فقد وجد في القران مخرجًا من صدمة حرب الثلاثين عامًا، وتاريخ أوروبا العنيف. ومن القرآن، استمد غوته تصوره للأدب العالمي. وفي قصة إبراهيم القرآنية، ورحلة بحثه عن الإله، عثر غوته على فرصة للانتقال من الولع بالكون والأفلاك إلى الولع بخالقها " هذا القران يجذب المرء في وقت قصير يجعله ينبهر به في كل مرة يمسك به . يتسم أسلوب القرآن ومحتوياته بالكمال والقوة والعظمة . لم يعتر القرآن أي تبديل أو تحريف ، وعندما تستمع إلى آياته تأخذك رجفة الإعجاب والحب ، وبعد أن تتوغل في دراسة روح التشريع فيه لا يسعك إلا أن تعظم هذا الكتاب العلوي وتقدسه ".و·لما بلغ غوته السبعين من عمره ، أعلن على الملأ أنه يعتزم أن يحتفل في خشوع بتلك الليلة المقدسة التي أنزل فيها القرآن الكريم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم. احتفل غوتة بليلة القدر كما يحتفل بها كل مؤمن في اليوم السابع والعشرين من شهر صوم المسلمين في رمضان, ولم يستغرب محبوه وتلاميذه الأمان ذلك, فلقد ورثهم حب الحكمة والصدق مع النفس .

هكذا يتعامل العظماء مع الحق, لا عقد ولا مشاكل, عرفت فالزم. تصرف العلماء بعده بنفس الشكل, وها هو الأمريكي مايكل هارت يعلن ببساطة العارف بالله ان القرآن كتاب الكتب ، وإنه يعتقد ذلك كما يعتقده كل مسلم..

لكي تكون صادقا مع نفسك, يجب ان تعبر عما تعرفه وعما تحبه دون ان تترك الاخرين يصدوك عنه لان ذلك من هوى النفس البشرية . يكفيك لحظة تجرد وصدق لتحب القرآن كما احبه كل من قرأه . الفيلسوف الألماني جون جاكوبريسي , يعلمنا ذلك بأفصح الكلمات. هكذا قال فيمن يتكلم عن القران ولم يعرفه ولم يقرأه " من تعلم قليلا من العربية تراه يستهزئ بالقرآن فلو استمع هؤلاء لفصاحة القرآن وتأثيره، ولو استمعوا لمحمد عليه السلام وبلاغته وهو يحدث أصحابه عن القرآن لسجدوا لله وقالو " يا رسول الله خذ بأيدينا واجعلنا ننال شرفا بكوننا من أمتك "

لن يستطيع بؤس الحياة ان يخفي نور الله وكلماته, وان قصر العرب والمسلمون في حمل هذا النور , فسنة الاستبدال قائمة ليحمله غيرهم وعلى قول الأستاذ تركي الدخيل, ‏ما أكده القرآن لم يطبقه المسلمون والعرب بحذافيره ،ولهذا لاتزال المرأة تُظلم وتُضطهد . ولو كان النور القرآني هو الناظم لحياة المسلمين , لما جاع جوعان وما تألم مظلوم وما اهين ضعيف ولعم الكون الضياء والمودة والرحمة العائلات في القارات الخمس.

لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26) وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ , مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ۗ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (لقمان 27- 28).